الجمعة، 12 يونيو 2015

محاولة فهم الحب

يبدو أننا سندفع ثمناً باهظاً لما غرسته فينا السينما وربتنا عليه الروايات الرومانسية !
سندفع أكثر من تلك الدموع الحارة التي زرفناها ونحن نشاهد لحظة النهاية وكيف فاز البطل بقلب حبيبته بعدما تغلب على المصاعب والشدائد ليبدأ رحلة السعادة الخالدة، قبل أن ينتهي الفيلم وقد ترسخ في الذهن أن هكذا يكون الحب .




ثم نتزوج لنكتشف أن لوحة "النهاية" التي توضع في ختام المشهد لها "تكملة" لم يخبرنا بها أحد، نصطدم بالحياة وصعوبتها، ومعركة لقمة العيش، ودوران الدهر بما يحمله من آمآل وآلام، فنرتبك ونتهم قلوبنا وقلب شريك الحياة بأنه لم يعد به شيء من الحب، أو ربما لم يكن به من الأساس أي حب !.


الفخ الذي تسقطنا فيه الدراما أنها لم تخبرنا قط بأن الحب مسؤولية والتزام، وبأن استمراره مرتبط بتحمل كل فرد لواجباته وحرصه على أدائها .


لا تخبرنا قصص الغرام أن هناك 

ثمة فرق هائل بين (الحب كقيمة) و (الحب كشعور)، 
ذلك أن الأول هو العمل والجهد، والثاني هو الثمرة والنتيجة .

عندما نتحاور مع بعضنا البعض برقي واحترام


 عندما نتعلم أن نغض الطرف عن بعض عادات الحبيب التي لا تروق لنا

 ونوجهه في البعض الآخر بهدوء وروية فإننا نروي شجرة الحب .

كذلك عندما تواجهنا مشكلة فنتعلم كيف نتعامل معها

 دون أن ننال من كرامة ولا كبرياء الطرف الآخر
 فإننا نتعهد كائن الحب فلا يموت أبداً .

عندما نحترم الحب كقيمة نستمتع بالحب كشعور .





ودعني أضرب لك مثلاً لما أود قوله، فمما لا شك فيه أننا نحب أبنائنا حباً كبيراً، لكننا لا نكتفي بالمشاعر والعواطف فحسب، بل نتعهده بالرعاية والتربية والاهتمام حتى يشب عوده فنرى ثمرة حبنا له يانعة باسقة


 وهذا ما يجب أن نفعله كأزواج، أن نحافظ على الحب جنيناً، ووليداً حتى يصبح من القوة بمكان، فلا تهزه أزمة أو مشكلة، ولا ينبغي لنا قبل ذلك أن نطالب بالاستمتاع بشيء لم نرعه أو نتعب من أجله .


حتى وإن وقعت في الفخ وتركت عناكب الروتين والجمود تنسج خيوطها على حياتك الزوجية فإنني أؤكد لك بأنه لا زال هناك فرصة متجددة لخلق الحب ..


نعم .. إنني أؤمن بأن الحب بالتحبب .. بأن نتمثل الصفات التي تدل على الحببأن نقول الكلمات التي تؤكد الحب، بأن ننتهج السلوك الذي يدعم من مفهوم الحب، بأن نصغي لصوت قلوبنا قليلاً، فنرفع من شأن القيمة كي نهنأ بالثمرة .


وحينها ـ حينها فقط ـ يمكننا رؤية الحب واقعاً في حياتنا، وسندرك كذلك بأن الزواج ليس مقبرة الحب كما يشاع، وإنما هو محضنه وكنفه وجوهر وجوده .

كريم الشاذلي





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق