الأحد، 27 ديسمبر 2015

آخر الدواء الكيّ

مقتطف من كتاب 

لا تُنازلي رجلاً بتقديم مزيد من التنازلات
في التبضّع كما في الحبّ .. الرجل لا يحبّ التنزيلات 
يريـــد مــا نـــدر وغـــلا.




ذات يوم، أكيد، سيختبر معدنك بقدرتك على الصبر على انقطاع كأنّه قطيعة. قد يدوم اختفاؤه أياماً أو أسابيع أو أشهراً، وقد يكون النهاية التي لا تدرين بعد بها.
فليكن.. ادخلي حلْبة صمته. ستكبرين بالصبر عليه. استمتعي بالانقطاع عنه. لا تعيشي قطيعته عذاباً، عيشيها تمارين في الكبرياء وإعلاء شأنك. «ما أقوى من الحبّ سوى الكبرياء عند أمنَع النساء».
يوماً بعد يوم، ستتوقفين عن عدِّ الأيام التي لم تسمعي صوته فيها، والمناسبات و الأعياد التي أخلفها قصداً، برغم أنّه عايَـد أناساً لا يعنون له ما تعنين.
لن يكون الأمر سهلاً، لكنّ غدره بك، هو وقود تحدّيك، فتزوّدي به ما استطعت. عليك أن تكسبي عادات جديدة لقتل عاداتك القديمة. وقبل هذا كلّه، عليك أن تغذّي إحساسك بالأنَفَة في مواجهة مَن كان أقرب إنسان إلى روحك، وغَدَا ألدّ أعدائك لأنّه يملك مفاتيحك، ويعرف المداخل غير المحصنة لقلبك. ويعرف كم أنت ضعيفة تجاهه.
لا تضعفي وتطلبي رقمه، لأنّك ستخسرين عزّة نفسك، من دون أن تكوني قد كسبته.
في هذه المزايدات بالذات على الكبرياء، يموت الحبّ الكبير أرخص ميتة، من أجل إعلاء شأن عاشقين يتلوّعان ويشقيان عن حماقة في الوقت نفسه، في المنازلة الثنائيّة للفوز بالمرتبة الأولى في الجفاء حدّ الموت!
لا أعرف جريمة أكبر من هذه، تجاه أنفسنا وتجاه الحبّ، ولا أعرف خسارة أكثر فداحة وحماقة.
و لكن، مادامت هذه اللعبة الإجراميّة، هي التي يحلو للرجال أن يلعبوها معنا، لا نملك إلّا أن ننزل إلى الحلْبة ونكسب الجولة، حتى لو اقتضى الأمر كيّ قلبنا، فـ«آخر الدواء الكيّ!»
لي صديقة هزمها الشوق، وخانتها يدها بعد أسابيع من القطيعة، فطلبت رقم الرجل الذي كانت تحبُّه. وحين قطع الهاتف في وجهها، أشعلت سيجارة وكوَت بها يدها اليمنى، حتى إنها كلّما رأت آثار الحريق على يدها، كرهته ورفضت يدها أن تطلبه مجدّداً.
راح يتمادَى صدّاً لأنّه اعتقد، كعادته، في إمكانه أن يذهب بعيداً في ظُلمها، ثمّ يجدها في انتظاره متى عاد. ما تخيّل لحظة أنّها هذه المرّة لن تنتظره، فقد تزوّجت رجلاً توّجها أميرة وأحبّها ودلّلها كما لم يفعل رجل. وعشقها حدّ تقبيل أصابع قدميها، ولم يَلْحَظ يوماً آثار الحريق على يدها.
لماذا، وهو البدويُّ الغيور كغزال عربيّ تركها لرجل غيره؟
من الأرجح أن احتمال خسارتها لم يكن في حسبانه. فالرجل يعتقد أن المرأة موجودة أصلاً لانتظاره، وأنّها أضعف من أن تأخذ قرار الانفصال أو تلتزم به!


أحلام مستغانمي 
https://www.facebook.com/readpages

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق