السبت، 14 مايو 2016

أنت بنت

تربية وتوعية 

فى يوم كان زوجى ذاهباً للصلاه فى المسجد فقالت له ابنتى وكانت فى الثالثة من عمرها ـ عايزة أروح معاك للمسجد يابابا، فرد زوجى بسرعة: ماينفعشِ أنتِ بنت، فلم يعجبنى الرد!! وتدخلت بهدوء، وقلت لها: يمكن بابا يقصد يقول: لما تكبرى شوية ممكن تروحى معاه، عشان الصغيرين أوى صعب يروحوا المسجد!! استراح زوجى للتعليق، وشعر أنه أدّق.

فارق كبير بين أن يكون المانع هو أنها (بنت) أو أنها (صغيرة)!! وتأثير الجملتين عليها مختلف تماماً، فإن كانت لا تذهب لأنها (صغيرة) فسوف تكبر غداً وتذهب، أما إن كانت لا تذهب لأنها (بنت) فإنها لن تذهب أبداً، وهذا معناه أن المساجد للذكور!




أبدأ بهذه القصة _رغم بساطتها لتسأل كل أم نفسها وكل أب: متى أقول لابنتى: هذا ممنوع لأن (أنتِ بنت)؟ وعلى الجانب الآخر متى أقول: هذا واجب لأن (أنت بنت)؟ .. ونسأل السؤال بشكل مختلف: ما هى الواجبات والحقوق المشتركة بين البنت والولد؟ وما هى الحقوق والواجبات غير المشتركة التى يتميز فيها كل جنس عن الآخر؟
تعالوا نذكر بعض النماذج، وسأركز على ثلاثة جوانب فقط:

*الأخلاق العامة.
*الواجبات داخل البيت.
*الواجبات خارج البيت.

1ـ الأخلاق العامة:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"
الخلق الذميم مُستنكر ومرفوض سواء كان من ولد أو بنت.. ولكن الأم العربية قد تقبل أن يرفع ابنها صوته عليها _لأنه رجل_ ولا تقبل أن ترفعه ابنتها (كسر رقبتها)!! وهذا يجعل هذا الابن _عندما يكبر ويصبح زوجاً_ يتصور أن من حقه أن يرفع صوته على امرأته وعليها هى أن تتحمل فهذا حقه!!
إن كان رفع الصوت خُلقاً حميداً وفضيلة طيبة ورمزاً لقوة الشخصية فهو مباح للجنسين، وإن كان عيباً مذموماً فهو مرفوض للجنسين تماماً وبنفس القدر .

الأسره العربية تنزعج غاية الانزعاج إذا وقعت ابنتهم فى قصة حب، بينما تغض الطرف عن (حماده) حبيب قلب ماما الذى يحب بنت الجيران ثم زميلة الجامعة ثم .. ثم .. ثم .. هو ولد، ومن حقه الطبيعى أن تكون له علاقات غرامية!!
إن كانت العلاقات بين الجنسين خارج إطار الزواج حلالاً فهى حلال للجنسين، وإن كانت حراماً فهى حرام للجنسين تماماً وبنفس القدر ..
الله لم يفرق بينهما فى هذه القضية لا على مستوى الوقاية، ولا على مستوى العلاج أو العقاب .. كما قال سبحانه وتعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى).. وقال أيضاً: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن)..
وحتى فى حد الفاحشة قال سبحانه وتعالى: (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)
المعنى هو أن : كلمة (أنت بنت) ليس لها موقع من الإعراب فى التفرقة بين الجنسين فيما يخص الأخلاق الإنسانية العامة ..
ومن المنطق والشرع أن يشعر الأب أو الأم بنفس القدر من الاشمئزاز تجاه الخطأ الخلقي لكل منهما، ونفس القدر من الاستحسان لكل عمل صالح لكل منهما أيضاَ .

ولكن لماذا يجب عدم التفرقة؟!

 وما التأثير النفسي والاجتماعي للتفرقة هنا؟
أقول، التفرقة مؤذية للطرفين: تؤذى الولد لأنها تيسر عليه الوقوع في الخطأ وتمنحه الشعور بأن هذا الانحراف مباح له.. وتؤذى البنت لأنها تشعرها بالظلم وعدم المساواة فيدور حوار في داخلها: (إذا استمتع الولد برغباته وأهوائه وكان قليل الأدب وسيء الأخلاق فهذا حقه، أما إذا فعلت البنت هذا فإنها تدخل النار.. هل هذا هو العدل الإلهي ؟!!
لذلك نقول لها: "الجنة للصالحين ذكوراً وإناثاً،والنار للمنحرفين ذكوراً وإناثاً أيضاً.

ويأتي سؤال أخير: ألا يوجد أي جانب أخلاقي لايتساوي فيه الولد والبنت؟! والإجابة هي .. نعم يوجد جانب واحد .. وهو
الله قد خلق للمرأة جمالاً ورقة ولم يجعل الاستمتاع بهذا الجمال مشاغاً عاماً، فحجب كل مظهر من مظاهر الفتنة والإغراء للمرأة أو الفتاه حتى لا تتحول إلى بضاعة رخيصة يستمتع بها أو يستبيح حرمتها القاصي والداني..
أحاط الله هذا الجمال بالزى المحتشم وعدم إبداء الزينة لغير المحارم، وعدم الصخب فى المشى أو لفت الأنظار.وعدم التمايع فى الكلام .
الله قد سمح لها بل أوجب عليها كل صور المشاركة الاجتماعية طالما التزمت بهذا القدر من الستر للزينة وعدم التبجّح أو لفت الأنظار والإغراء والإغواء..
هناك درجة من الستر مطلوبة من الأنثى أكثر من الرجل، أما مادون ذلك من أخلاق عامة، أو أعمال صالحة أو سيئة فالجنسان فيه سواء.



فيروزة عمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق