الخميس، 12 مايو 2016

معنى الرومانسية


الحق أن كثيرين يسيئون فهم الرومانسية ويتصورون أنها لا تعني سوى الحب الحالم الذي يتناقض مع إحكام العقل أو تعني العاطفة الهوجاء بلا مرشد من عقل او حكمة في حين ان المفهوم الصحيح لها يختلف كثيرا عن ذلك.

إن الرومانسية في الأصل تعبير استخدم لوصف نزعة في الأدب والفن تتسم بتغليب الأحاسيس والمشاعر والعاطفة على مقتضيات العقل والمنطق في العمل الفني أو الأدبي 


أما الحياة فهي لا تعني انقياد الإنسان لعاطفته ومشاعره بلا ضوابط ولا روابط وإنما تعني أساسا عدم إغفال اعتبارات القلب والمشاعر والعاطفة في اختيارات الإنسان وقراراته وتصرفاته


وتعني أيضا تقدير الإنسان للاعتبارات غير الحسية وقدرته على تذوقها والاستمتاع بها كما يتمتع بالمتع الحسية وربما أكثر





ونقيض الرومانسية في الحياة هو المادية والحسية ومعناهما الا يحرك الإنسان في كل اختباراته وأعماله وتصرفاته شئ إلا الاعتبارات المادية أو الغرائز وحدها !


وبهذا المفهوم الصحيح فان الرومانسية التي تعني لغويا الخيال او الخيالية إنما تعني عمليا الحب والإنسانية والمثل العليا واحترام المشاعر الإنسانية والفضيلة وحب الخير والرحمة والحلم بحياة أكثر خيرية واقل شرورا والقدرة على تذوق جمال الطبيعة والجمال غير الحسي وتذوق الفن الراقي والأدب الرفيع والاستمتاع بهما والاهتمام بكل ما يرقق المشاعر ويقترب بالحياة من مثلها العليا



وبعبارة الكاتب والشاعر الأمريكي هنري ثورو فإنها تعني ألا يكون الإنسان
" ابن عم أشجار الصنوبر وأحجار الصخور "
ولولاها لازدادت الحياة قسوة ولما تزوج شاب ممن يحبها مفضلا إياها على من هي أكثر منها جمالا واعز مالا أو مكانة اجتماعية ولما فعلت فتاة أيضا نفس الشئ
ولولاها لما حركت الإنسان إلا مصالحه المادية وغرائزه فقط ولأصبحت الحياة غابة لا يسكنها إلا الوحوش

وبهذا المفهوم فإنها ليست ضد العقل والمنطق كما يتصور كثيرون ولا تخاصمهما وإنما تطالب الإنسان فقط بالا يغفل الاعتبارات العاطفية والإنسانية في اختياراته وتصرفاته وبألا يتخلى عن الحلم بحياة أفضل له وللآخرين

وهذه كلها من صفات كل المصلحين
فالمصلحون على مر التاريخ في كل المجالات أشخاص رومانسيون لم تحركهم الاعتبارات المادية ولا غرائزهم وإنما حركتهم الدوافع الإنسانية والعاطفية لتحقيق مثلهم العليا ولو على حساب مصالحهم المادية وراحتهم الشخصية وتضحياتهم


فهل يحق لنا بعد ذلك أن نخجل من الرومانسية أو ننكرها ؟؟؟؟


عبد الوهاب مطاوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق