الجمعة، 21 مارس 2014

ماذا نفعل .. عندما نفتقد الحب.. !

كلنا نمر بظروف اجتماعية نشعر فيها بحاجتنا للحب، بدءا من سن المراهقة والبحث عن الحب بكل أنواعه وانتهاء بمرحلة الشيخوخة والبحث عن الكلمة الطيبة واللمسة الحانية، وقد وردتني شكاوى كثيرة لأناس يبحثون عن الحب الرومانسي سواء كانوا متزوجين والطرف الآخر لا يعطيهم حبا، أو لم يتزوجوا وبحاجة للزواج، أو مروا بتجربة انفصال أو وفاة للطرف الذي كان يعطيهم حبا، وقد قدمت لهؤلاء حلولا بديلة عن الحب الرومانسي الذي يتمنون وجوده في حياتهم، وكانت لهذه الحلول الأثر الطيب عليهم وهي علي النحو التالي:

أولا: أن يعيشوا حبا صادقا مع المقربين منهم مثل الوالدين أو العمة أو الخالة أو الجدة، فيكثروا من التواصل والسفر وقضاء الأوقات معهم، ويبادلوهم الهدايا والعطايا، ويعبروا لهم عن حبهم وأهمية وجودهم بحياتهم.



ثانيا: كفالة يتيم يعيش معهم في البيت فيتكفلون بتربيته وتوجيهه وتعليمه، فيكون محلا لتفريغ العواطف الجياشه له، واني أعرف أكثر من عائلة جربت هذه الفكرة وتقول انها قد حققت ما كانت تحتاجه من اشباع عاطفي، أو العمل في مجال التربية والتعليم فانه يشبع حاجة الانسان للعاطفة والحب.

ثالثا: تربية حيوان أليف يعتبر حلا ذكيا لهذه المشكلة، وقد اقترحت ذلك لرجل بعدما فقد حب زوجته له، فبدأ بمشروع تربية الأغنام ورعايتها وقد عبر لي بعد سنة من البدء بالمشروع بأنه مستمتع بهذه الهواية الجديدة وقد عالجت ما كان يعاني منه، وامرأة أخرى اهتمت بالقطط وتربيتها فانشغلت بها وتغيرت مشاعرها نحو هذا الأمر، ثم توسع المشروع معها وعملت مستشفى لعلاج القطط المريضة، وكلنا يعرف ما يفعله الأجانب من تربية الكلاب في بيوتهم وتعلقهم بها، وهذا جزء من حل المشكلة العاطفية في حياتهم.

رابعا: حب الحياة والانطلاقة فيها بنشاط وحيوية، وممارسة هوايات متنوعة تشبع جانبا كبيرا من العاطفة عند الانسان وخاصة الرياضة بأنواعها والعلاقات الاجتماعية بأصنافها.

خامسا: حب العمل والانجاز وكثرة العطاء الوظيفي يعطي للعامل شعورا بالراحة والنصر والارتياح النفسي، وهذا يعالج جانبا كبيرا من المشكلة بكثرة الانشغال بالعمل، وتحويل العواطف من رومانسية الى عواطف نحو العمل والانجاز.

سادسا: الأصدقاء يعتبرون مصدرا مهما للعواطف والحب، فالصديق يعطي الاهتمام والرعاية والمتابعة والسؤال والدعم النفسي وعلاج المشاكل، وكل ذلك من علامات الحب والاشباع العاطفي.


سابعا: حب الله وتقوية العلاقة به فهذا هو المصدر الأساسي للحب، وحب الرسول الكريم وطاعته، وحب القرآن والتعلق به، وحب العمل الصالح والمداومة عليه، فهذه الأعمال كلها تشبع الانسان الطالب للحب وتغنيه عاطفيا وأذكر مرة دخلت علي امرأة تشتكي من فقدان الحب في حياتها على الرغم من أنها استبدلت ذلك بحب الله ورسوله، ولكن كانت تقول لي انها مازالت بحاجة لحب بشري، فقلت لها: ان لم تحصلي على الحب البشري في الدنيا فاعتبري ذلك من الابتلاء الذي تؤجري عليه، بشرط أن تصبري ولا ترتكبي الحرام، فان الله سيعوضك حبا بشريا في الجنة، فاستغربت وقالت: أحقا ما تقول؟ قلت لها: نعم فقد قال الله تعالى (هم وأزواجهم في ظلال على الآرائك متكئون) فالله سيرزقك زوجا تتكئين معه على السرير، أليس في ذلك حبا عاطفيا؟ فابتسمت وقالت: أفرحتني أفرح الله قلبك، ولكن كم عمر هذا الحب؟ فقلت لها: لا تخافي ان هذا ليس كحب الدنيا، فان الحب الذي في الجنة مستمر وخالد وقد وصف الله عمر هذا الحب قائلا (لهم فيها ما يشاءون خالدين فيها، كان على ربك وعدا مسؤولا) فقالت: يا سلام، والله أنا كنت أعتقد أن ما أطلبه غير صحيح قلت لها: لا أبدا، بل هذا من حقك ومن الحاجات البشرية، فالنبي الكريم يوم توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها فقد الدعم العاطفي والحب الذي كان يعيشه معها، وقد حزن على فراقها كثيرا ولهذا سمي العام الذي توفيت فيه مع عمه بـ«عام الحزن»، فالحب مطلب شرعي وانساني، وحياة لا حب فيها كالعيش في المقبرة.

جاسم المطوع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق